حكم الحوار بين الأديان
يستعمل الكثيرون عبارة ” التقريب بين الأديان ” والأولى استخدام كلمات أخرى مثل الحوار والاشتراك والتعاون، وبخصوص ذلك ينبه المجلس إلى أنه إذا كان المقصود به إذابة الفوارق بينها من أجل اللقاء في منطقة وسطى جمعا بين التوحيد والتثليث والتنـزيه و التشبيه مثلا ، فذلك مما يأباه الدين الخاتم الكامل قال تعالى: “و أن احكم بينهم بما انزل الله ، ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ”
غير أن للحوار والاشتراك والتعاون بين رسالة الإسلام والرسالات السماوية الأخرى معاني مقبولة ، لأمر الله تعالى بقوله ” وجادلهم بالتي هي أحسن ” ، ولقوله عز وجل ” يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله “، وتأسيا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحوار مع نصارى أهل نجران وغيرهم ، وذلك اعتبارا لأصول الإسلام ، في وحدة الألوهية والنبوات والأصل الإنساني ، وفي عموم الرسالة وواجب الدعوة إلى الله عز وجل عن طريق الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن، بعيدا عن كل ضروب الإكراه والإجبار والنيل من مشاعر المخالف في الملة، ذلك أنه ولئن تباينت رسالة الإسلام والرسالات
السماوية الأخرى في أصول وفروع معروفة، فقد اشتركت معها في أخرى معتبرة ، مثل عموم الإيمان بالله تعالى والنبوات واليوم الآخر وأصول الأخلاق، وأسس البناء الاجتماعي كالأسرة والمحافظة على البيئة وقضايا حقوق الإنسان والشعوب المستضعفة والتصدي للطغيان والمظالم على كل المستويات القطرية والدولية، وإشاعة روح التسامح ونبذ التعصب وحروب الإبادة والعدوان.
ويؤكد هذه المعاني للتقارب مع أهل الملل الأخرى اشتداد عواصف الفلسفة المادية والإباحية والإلحاد والتفكيك لأواصر المجتمعات في ظل ثورة الاتصال التي جعلت من العالم قرية صغيرة توشك أن تشترك في المصير، بما يعزز مساعي الحوار والتعاون مع أهل الملل الأخرى ولا سيما مع أهل الكتاب إبرازا للمشترك ودفاعا عنه، بدل النكء المستمر لجراح الاختلاف، قال تعالى:” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، ولقد شهد صاحب الدعوة عليه السلام أن عباد الله كلهم اخوة، وقال تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ”